بعد أن كان المركز قد بدأ تجربة مدرسة ايام السبت لتعليم الناشئة امور دينهم، وتعليم مبادئ التربية الاسلامية، فقد تكاملت الصورة وتظافرت الجهود تدريجياً لتأسيس مدرسة كاملة لجميع ايام الاسبوع تشتمل على مناهج يتلقاها الطالب في المدارس الاخرى، وتضاف اليها اللغة العربية والتربية الاسلامية وتعليم القرآن، وقد سميت هذه المدرسة "مدرسة الايمان".
ان هذا المشروع الحيوي ما قامت أسسه إلا بعد جهود مضنية بذلها القائمون على ادارة مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية، امتثالاً لأوامر الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه)، وقد تعززت تلك الجهود بالدعم المعنوي من قبل كثير من المخلصين والعاملين في سبيل الله تعالى، ولاقت الترحيب الواسع من قبل الجالية الاسلامية، التي تشعر بضرورة تحصين اجيالها المقبلة من براثن الانحراف والموبقات، وكان انفاق المؤسسة المادي على المشروع سخياً.
تقع "مدرسة الايمان" في وسط مدينة كوينز الواقعة في الوسط تقريباً بين ثلاثة أقضية تشكل مع قضائين آخرين مدينة نيويورك، حيث يمكنك أن تشاهد هناك لافتة تحاكي لون السماء، كتب عليها بخط ابيض جميل يحاكي لون السلام والامل، "مدرسة الايمان".
تحتل المدرسة جزءاً من الطابقين الارضي والاول وتمام الطابق العلوي من مركز الإمام الخوئي الاسلامي، حيث تضم فلذات اكباد المسلمين من الحضانة وحتى المرحلة المتوسطة والاعدادية، تخدم اجيال المستقبل من خلال مكتب انيق للادارة وقاعة فاخرة الاثاث للمعلمين، ومختبر مجهز بالمعدات الضرورية وقاعة خاصة بالكومبيوتر، وقاعة للالعاب الرياضية، وصف خاص بأصحاب المستوى الضعيف باللغة الانكليزية، مرتبط مركزيا بادارة التعليم العامة لمدينة نيويورك، ومجموعة صفوف تربو على ثمانية عشر صفاً مؤثثة بكل عناية، وقاعة طعام تحلت بمناضد خاصة، وساحة جميلة تؤدى فيها صلاة الجماعة يومياً كما تستخدم للاجتماع الصباحي، ولاداء بعض النشاطات الاسلامية الاخرى، ومكتبة فاخرة احتوت على كتب الصغار والكبار في تنسيق ملفت للنظر، وعيادة طبية للحالات الطارئة كل ذلك في مبنى مكيف بأحدث الطرق صيفاً وشتاءاً، مفروش بالسجاد في بعض اقسامه، وبأحدث انواع الفرش في اقسامه الاخرى. وقد طور المبنى على مرحلتين، ليخدم جميع اغراض المدرسة من جهة، وجميع اعمال الدعوة والتبليغ والخدمات الدينية المتعددة من جهة اخرى.
في أروقة مدرسة الايمان يتجلى الاسلام بأجمل صوره، ففيها تذوب كل انواع الفوارق، لتشكل مجتمعاً اسلامياً مصغراً فالاسود الى جنب الابيض، والعربي الى جنب الاعجمي، والمهاجر الى جنب المواطن، والشيعي الى جنب السني، ترفرف عليهم راية لا إله إلا الله.
لقد غرست بذرة مدرسة الايمان عام ١٩٩١م، ، وكانت البداية – كما هو حال تجارب أخرى كثيرة – مليئة بالمعاناة، اذ صرف الكثير من الوقت والجهد لانتقاء الكادر الاداري والتعليمي، وتشخيص المناهج الدراسية، سواء العلمية منها أو الدينية أو اللغوية، من قبل لجان منتقاة من اهل الخبرة. وحين نأخذ بنظر الاعتبار أن هذه البذرة المباركة هي الاولى من نوعها في الولايات المتحدة الامريكية، ندرك مدى الجهود التي بذلت لجمع شتات تلك المفردات المتفرقة. لقد تم انتقاء الادارة والمعلمين بغاية الدقة الممكنة، وقد اثبت كثير منهم كفاءة علمية وخلقية عالية، وذلك من خلال التقرير العلمي الذي تشرف عليه الجهات الرسمية، ومن خلال شهادات اولياء الامور وما لاحظوه من تحسن وتطور واضح في سلوك أبنائهم، حتى أصبح "مدرسة الايمان" إسماً يشع في نيويورك، بعد أن كانت حلما راود المخلصين في هذه المدينة منذ زمن بعيد، صار حقيقة حين حولته المؤسسة الى الواقع المعاش.